بعد تشريح جينات كورونا.. علماء يواجهون لغزا جديدا

مع تسابق دول العالم لاحتواء انتشار فيروس “كورونا” المستجد، يسعى الباحثون إلى حل لغز مصدر الفيروس الغامض.
ويعتقد أن الفيروس، الذي انتشر أولا في الصين أواخر ديسمبر عام 2019، انتقل من الحيوانات إلى البشر، لكن لم يتم تأكيد أصل الفيروس الحقيقي من قبل المتخصصين أو في الأبحاث العلمية والأكاديمية أو منظمات الصحة العامة.
ورغم أن المصدر قد لا يساعد العلماء بشكل كبير في تطوير أي لقاح أو علاج مباشر، إلا أنه قد يساعد في تركيب أجزاء من الأحجية للإجابة عن تساؤلات حول كيفية ظهوره وتطوره، ويعتمد العلماء على الرجوع إلى معلومات من أمراض سابقة لدراسة كيفية التعامل مع هذا الفيروس الجديد، الذي أطلقت عليه تسمية “كوفيد-19”.
وتشير أبحاث أولية إلى أن “كوفيد-19” يشبه إلى حد كبير أحد الفيروسات التابعة لفصيلة “كورونا” والموجودة في خفاش حدوة الفرس، وفقا لما ذكره البروفيسور المتخصص في علم الفيروسات من جامعة ريدنغ البريطانية، إيان جونز.
ويقول جونز: “لا تزال الخطوات التي خرج فيها الفيروس من الخفاش إلى مصدر أو مصادر وسيطة إلى البشر مجهولة”.
وأصبح مصدر الفيروس أساسا للكثير من نظريات المؤامرة وغيرها من المعلومات الخاطئة، إذ قال عضو مجلس الشيوخ الأميركي توم كوتن في مقابلة عبر شبكة “فوكس نيوز” إن مصدر المرض أتى من مختبر سري للفيروسات في مدينة ووهان الصينية، التي انتشر فيها المرض أولا. آخرون قالوا إن الفيروس أطلق كسلاح بيولوجي.
لكن العلماء أشاروا إلى أن عناصر الفيروس الشبيهة لفصيلة “كورونا” المتأصلة في الحيوانات، بالأخص الخفافيش، تستبعد احتمالية تطويره مخبريا، وذلك بعد فحص جينات الفيروس.
ولتتبع جذور الفيروس، يستعين العلماء بعدد من الأدلة في التركيب الجزيئي، علماء صينوين تمكنوا من نشر التسلسل الجيني لفيروس “كوفيد-19” بعد أسبوعين من إعلان خبر انتشاره، إذ ساهم تطور التكنولوجيا في الحصول على تلك النتائج بسرعة خيالية، في السابق كان على العلماء دراسة الفيروس من ستة أشهر إلى عام للحصول على نتائج مماثلة، وفقا للمتخصص في علم الفيروسات من مركز “MIRIGlobal” في ولاية ماريلاند الأميركية، جين أولينغر.
ورغم أن التسلسل الجيني قد لا يكشف أصل الفيروس إلا أن الحمض النووي الريبي منقوص الاكسجين “DNA” يمكنه أن يوفر خارطة كاملة من أجل هذا النوع من التحقيقات.
تشير كارولين ماتشامر، البروفيسورة في علم الأحياء الخلوي في مستشفى جونز هوبكنز التعليمي في بالتيمور الأميركية إلى أن “أقرب الفيروسات المعروفة من الخفافيش لا يمكنها أن تؤثر على الخلايا البشرية، لذا لا بد أن هنالك حيوان وسيط بيننا وبينها”.
وأضافت ماتشامر “من المحتمل أن الفيروس في الخفافيش أصاب حيوانا وسيطا وخلال فترة تكاثر الفيروس وتضاعفه تعرض لتشويه رفع من احتمالية إصابة البشر به، وهذا ما حصل عند اقتراب إنسان من الحيوان الوسيط المصاب”.
يجدر بالذكر أن كافة الفيروسات التابعة لعائلة “كورونا” تأتي من الحيوانات وتنتقل إلى البشر، وشهدت البشرية في الوقت المعاصر عددا من الحالات انتقلت فيها فيروس من الخفافيش إلى البشر عبر حيوانات وسيطة.
من تلك الفيروسات التابعة لفصيلة “كورونا” كان “سارس” المسبب بمتلازمة الالتهاب التنفسي الحاد، والذي انتشر عام 2003 من الخفافيش إلى قطط الزباد فالبشر، إضافة إلى “ميرس” المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، والذي انتشر عام 2012 في السعودية من الخفافيش إلى الإبل فالبشر، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
ويتوقع مسؤولون في قطاع الصحة العامة أن انتشار الفيروس أتى من سوق لبيع الحيوانات في ووهان، حيث أصيب عشرات العمال بالمرض، وتم إقفال السوق بعدها، لكن الاختبارات من الموقع لا تزال غير مؤكدة.
وفي بداية فبراير، توقع علماء صينيون أن مصدر الفيروس يأتي من آكل النمل الحرشفي، إذ أظهرت أبحاثهم أن التسلسل الجيني لفيروس كورونا عند عزله يقارب بنسبة 99 في المئة التسلسل ذاته في الفيروس المستجد.
وقال جونز إن نظرية آكل النمل معقول، لكنه حذر بأنه لم يتم تأكيد النتائج بعد على يد أبحاث علمية مستقلة.
كما أن بعض العلماء يطرحون نظريات حول انتقال الفيروس من الثدييات والطيور، المعروفة بأنها مخزن لفصيلة فيروسات “كورونا”. لكن كان يعتقد أن معظم تلك الفيروسات لا تسبب بمرض الناس.
ولكن ذلك التفكير تغير تماما بعد انتشار فيروس “سارس” الذي طال أكثر من 24 دولة وقتل 774 شخصا، والذي اعتبر أول حالة يتسبب فيها فيروس بمرض “كورونا” من الحيوانات بمرض حاد بين البشر، ولم يستبعد العلماء حينها أن السيناريو ذاته سيتكرر مجددا
المصدر الحرة (وكالات)

لمشاركة الرابط: