لم يصح إبن بلدة مغدوشة باسل حبقوق من هول الصدمة بعد نجاته من الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا فجر الاثنين في 6 شباط الجاري. يلتقط انفاسه، يحبس دموعه في عينيه فرحاً لنجاته بأعجوبة بعد 52 ساعة تحت الأنقاض وحزناً لخسارة رفيقه الياس حداد الذي كان يقيم معه في ذات الغرفة في فندق «OZCHIAN» في أنطاكيا (هاتاي) بعدما وصلا اليه قبل 4 ساعات فقط.
يروي حبقوق لـ»نداء الوطن» تفاصيل ما جرى بعد وقوع الزلزال، «في العادة ننزل في هذا الفندق المؤلف من مبنيين، في المبنى الخارجي المطلّ على الطريق العام وفي الطابق السادس، ولكن في ذلك اليوم لم نجد مكاناً فنزلنا في الطابق الأول في المبنى الداخلي، ولم نكد نستريح من عناء السفر حتى وقع الزلزال قرابة الثالثة والدقيقة عشرين وهنا بدأت الكارثة».
ويضيف: «أصبنا بالصدمة وكأنّنا لم نستوعب ما يجري، حاولنا الخروج من الغرفة لأنّنا في الطابق الأول، ولكن قوة الزلزال كانت أسرع، بدأت السقوف تنهار علينا مباشرة وخلال ثوان قليلة، في أحد الأروقة، حاولت الاحتماء غير أن شدَّة الزلزال أفقدتني القدرة على فعل أي شيء، فانهار وتغيّر كل شيء وأصبح المشهد أسود قاتماً ومظلماً بين أصوات الاغاثة والاطمئنان عن بعض».
ويروي حبقوق الساعات الـ52 الصعبة والتي غيرّت حياة الكثيرين، «تأكّدت أنني بخير ولم أفقد وعيي، وجدت نفسي محاصراً بين الأنقاض ولا أستطيع الحراك، ناديت بأعلى صوتي على رفيقي الياس وكان يجيب وبقينا على هذه الحال حتى ظهر اليوم نفسه، لم يعد الياس يردّ على ندائي»، قبل أن يؤكد «إنّها ساعات مصيرية ولكنني لم أفقد الأمل بالنجاة، وكلّما وهنت إرادتي كنت أستمدّ قوتي من وجه ابنتي وعائلتي، ومن دعاء أمي وأصدقائي وأبناء بلدتي وكل اللبنانيين الذين أضاؤوا الشموع ورفعوا الصلوات على نية نجاتي وكل المحاصرين تحت الردم».
ولم يُظهر حبقوق عتباً على فرق الانقاذ التركية، يقول: «هول المصيبة وحجمها كبير جداً، والارباك في حالة كهذه أمر طبيعي وكان سيّد الموقف، خاصة في اليوم الاول قبل أن يتمّ استيعاب الصدمة حيث باشرت الفرق مساعي الانقاذ ولكن حظنا أنّنا كنّا في المبنى الخلفي وكان جزء منه منهاراً وجزء آخر قائماً، وتركّزت الجهود على المبنى الأمامي الى أن استدلّوا علينا بالصوت».
ويقول بتنهّد: «كنت أصرخ بين الحين والآخر من أجل أن يسمعونا، وكان معي قسطل صغير أضرب به على الجدار من وقت لآخر، الى أن سمعوا نداء الاستغاثة قرابة الساعة السابعة والنصف مساء، فاستعدت قوّتي، غير أنّ الفريق أنقذ مواطناً تركياً كان بالقرب مني لأنّ وضعه الصحّي كان صعباً وظلّوا يحفرون حتى انتشلوه قرابة الثانية فجراً، ثم توجّهوا نحوي الى أن وصلوا قرابة السابعة صباحاً وتم انتشالي قرابة السابعة والنصف، أي 12 ساعة بين اشارة الاستغاثة والانقاذ مرَّت عليَّ كأنها سنوات طويلة، وخلالها استعدت شريط ذكريات وكأنّ الحياة فيلم قصير».
ولدى وصول حبقوق الى مغدوشة، قرعت أجراس الكنائس فرحاً، واستقبله ذووه وأقاربه وأصدقاؤه وأبناء بلدته بالترحاب والزغاريد ونثر الورد وإطلاق العنان لأبواق السيارات، رغم الغصّة التي بقيت تنغّص كامل الفرحة لفقدان زميله الياس حدّاد الذي وصل جثمانه ايضاً الى بلدته.
ويختم حبقوق بالعبرة ممّا جرى بين الحياة والموت، قائلاً: «لقد كُتب لي عمر جديد، بعدما أدركت أنّ الدنيا كلمح البصر وفانية، لذلك أدعو الى المحبة والتلاقي من أجل تكريس التآخي والتسامح وبناء لبنان من جديد»، شاكراً لفرق الانقاذ التركية وشباب الدفاع المدني جهودهم، وقال: «كانوا يحفرون بأيديهم من أجل العثور على ناجين وضحايا»، وأكد «وجوب تثبيتهم اليوم قبل الغد».
شو بخبرك عن بيت من لبنان !
يقول الفنان وديع الصافي في رائعة من أجمل أغانيه ” بيتي ما برضى يسيب بيتي أنا سلاحو .. ما بتركو للديب ولا بعير مفتاحو” من المؤسف القول أن بيوت العديد من اللبنانيين اليوم “تركت للديب” وضاعت مفاتيحها … وما أدراك ماذا فعل بها ” الديب” ؟ يعرف البيت اللبناني الأصيل ليس من حجارته المقصوبة فحسب
Read More