توقع وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر أن يغير وباء كورونا النظام العالمي للأبد، وأن تداعياتها قد تستمر لأجيال عديدة.
وفي مقال له في صحيفة “وول ستريت جورنال” أوضح كيسنجر صاحب ال 96 عاماً أن الأضرار التي ألحقها تفشي فيروس كورونا المستجد بالصحة قد تكون مؤقتة، إلا أن الإضطرابات السياسية والإقتصادية التي أطلقها قد تستمر لأجيال عديدة.
وقال إن الظروف الإستثنائية التي يمر بها العالم الآن بسبب الوباء الفتاك، أعادت إلى ذهنه المشاعر التي انتابته عندما كان جندياً في فرقة المشاة خلال مشاركته في الحرب العالمية الثانية في أواخر عام 1944، حيث يسود الآن الشعور نفسه بالخطر الوشيك الذي لا يستهدف أي شخص بعينه، وإنما يستهدف الكل بشكل عشوائي ومدمر.
وأضاف كيسنجر أنه رغم أوجه الشبه بين تلك الحقبة البعيدة وما نعيشه اليوم، فإن هناك فرقاً مهماً يتمثل في كون قدرة الأميركيين على التحمل في ذلك الوقت عززها السعي لتحقيق غاية وطنية عظمى، بينما تحتاج الولايات المتحدة في ظل الإنقسام السياسي الذي تعيشه اليوم إلى حكومة تتحلى بالكفاءة وبعد النظر للتغلب على العقبات غير المسبوقة من حيث الحجم والنطاق العالمي المترتبة على تفشي الوباء.
وأشار إلى أن قادة العالم يتعاطون مع الأزمة الناجمة عن الوباء على أساس وطني بحت، إلا أن تداعيات التفكك الإجتماعي المترتب على تفشي الفيروس لا تعترف بالحدود.
واعتبر أن الجهود المبذولة لمواجهة تفشي الوباء ، رغم ضخامتها وإلحاحها، ينبغي أن لا تشغل قادة العالم عن مهمة أخرى ملحة تتمثل في إطلاق مشروع موازٍ للإنتقال إلى نظام ما بعد كورونا.
وأكد أنه لا يمكن لأي دولة، حتى وإن كانت الولايات المتحدة، أن تتغلب على الفيروس بجهد وطني محض، وأن التعاطي مع الضرورات المستجدة الآن ينبغي أن يصاحبه وضع رؤية وبرنامج لتعاون دولي لمواجهة الأزمة، مبينا أن الإخفاق في العمل على المحورين في آن واحد قد تترتب عليه نتائج سيئة.
وحث كيسنجر الإدارة الأميركية على التركيز على ثلاثة مجالات رئيسية لمواجهة تداعيات الوباء محلياً وعالمياً، أولها تعزيز قدرة العالم على مقاومة الأمراض المعدية، وذلك من خلال تطوير البحث العلمي، ثانياً السعي الحثيث لمعالجة الأضرار التي لحقت بالإقتصاد العالمي جراء تفشي الوباء والتي لم يسبق أن شهدت البشرية مثيلاً لها من حيث السرعة وسعة النطاق، ثالثاً حماية مبادئ النظام العالمي الليبرالي .
وختم كيسنجر مقاله قائلاً: ” إن التحدي التاريخي الذي يواجه قادة العالم في الوقت الراهن هو إدارة الأزمة وبناء المستقبل في آن واحد، وإن الفشل في هذا التحدي قد يؤدي إلى إشعال العالم
المصدر : وول ستريت جورنال