زياد عيتاني أعلن العصيان المدني حتى تحريك دعواه

أعلن الفنان المسرحي زياد عيتاني “العصيان المدني الفردي على الدولة، وعدم الالتزام بضرائبها ولا بحضور ضابطتها العدلية او المثول في اي جنحة او شبهة او جرم، ولا بأي مسألة قبل البدء بتحريك دعواه، والكشف عن قرار التمييز المجهول المصير بمحاكمة سوزان الحاج وايلي غبش، واعادتهما الى قوس المحكمة”. وقال: “من قام بتلفيق تهمة العمالة لي، يجب أن يحاسب كمن خدم العدو مجانا”.

جاء ذلك في مؤتمر صحافي، بدعوة من “المفكرة القانونية” ومنظمة العفو الدولية تحت عنوان “كيف نوقف التهريج في مظلمة زياد عيتاني؟”، في مكتب “المفكرة القانونية” – بدارو، بحضور النائبة بولا يعقوبيان والناشط الحقوقي بول الاشقر. وكان عرض لأبرز المخالفات المرتكبة بملف عيتاني، والخطوات القانونية والقضائية المنوي اتخاذها.

بداية، أعطى المدير التنفيذي “للمفكرة القانونية” المحامي نزار صاغية الكلام لعيتاني، مقدما إياه بوصفه “ضحية منع من الكلام ولم يتسن له أن يدافع عن نفسه في المحكمه بسبب قوانين معينة”.

وقال عيتاني: “منذ سنة وسبعة اشهر، بدأت قصة من اكبر فضائح هذا البلد، قصة شكلت صدمة لوسائل الاعلام العالمية مماثلة للتي حلت باللبنانيين، وكل ذلك كان على رأس وحياة رجل واحد، من عائلة صغيرة تعيش كسائر اللبنانيين، تتحمل مصاعب هذا البلد وتدفع ضرائب مثل غيرها، ولم يسجل يوما أنها دخولت مخفرا او أوقف أحد افرادها. قصة كما تابعها الجميع، قلبت حياتي رأسا على عقب وأفقدتني تقريبا كل شيء، من بيت زوجية، كثير من الاصدقاء وحتى الاقارب، مردود مادي، سيارة، سمعة يشهد لها الجميع، وسلطت علي أضواء لم أسع لها في حياتي ولا أحب اساسا أن كون من أناسها كثيرا”.

أضاف: “كل ذلك من أجل نقاش لم يتعد دقائق على تويتر مع احد ابناء الدولة الرسميين، وصودف انها كانت مسؤولة، في 23/11/2017 حين استيقظت في يوم عادي، أوصلت ابنتي الى المدرسة، ثم عدت الى بيتي، رتبت أوراق عملي وانصرفت لأقوم بما أعرفه أي التمرين المسرحي، وفجأة وتقريبا عند الاولى بعد الظهر، تنتهي الحياة وحل بي عالم اسود، حياة لا تشبهني ولا أشبهها وتبدأ رحلة ال 109 أيام من العذاب والالم والظلم والاذلال من منظومة لم قصرت لحظة في أن تريني كل يوم من الايام ال109 كم ينهش الفساد في هذا البلد. نحن هنا نتكلم في النور، من بلد مبني على مظالم وفساد وعفن، ضابط منتقم، يعمل مع مقرصن اعتمد من الدولة، لضابط يملك واسطة قوية في جهاز تمكن فيه بسن ال28 أن يعلق نجمتين ويريد أن يعلق الثالثة على حسابي. واذا بينت قصتي يستطيع أن يستلم قصة مثل قصة صالون رتشي التي يتهم صاحبه بأنه مصاب بمرض فقط”.

وتابع: “لرقيب تحقيق زور محضرا، لعنصرين اشتريا ملفا مفبركا ودليلا مفبركا، لاعلام كان سعر السكوب لديه اكبر من سعر الناس الذين يفترض أنه يمثلهم، لمدع عام كان منذ اللحظة الاولى منحازا الى كل هؤلاء، لمسار محكمة مخطط ومعد سلفا، لانحياز فريق سياسي فقط لاجل مكاسب على حساب فريق آخر، وهكذا وسط هذه الدوامة تضيع حياتي وحقي كمواطن لا ذنب له في كل هذا العفن، ندفع من جيبتنا ومن لقمتنا لكل هؤلاء. سنة و 7 اشهر، ولم ترد الدولة حقا معنويا او ماديا او حتى تسنح الفرصة لمواطن بأن يلجأ للقانون، بل بالعكس أثبتت له ان القانون والقضاء هو اختصاص سياسي لاصحاب النفوذ، فقدمت لنا مسارا هزليا أسمي محكمة، بقوانين تجردني من حق الرد، او حتى تقديم ما لدي كله طوال فترة جلساتها. والمضحك ان العنوان الذي أطلق على هذه المحكمة هو “تلفيق جرم لزياد عيتاني”، الممنوع بحسب قوانين تلك المحكمة من المداخلة حتى في ختامها”.

وأردف: “هنا اود القول: لم تكن ضرورية تلك المحكمة يا بيتر .. 109 ايام جردت خلالها ظلما وزورا من ادنى حقوق الانسان قبل حقوق المواطن، 6 ايام من التحقيق لا أتمناها حتى لخصومي، تهديد بجلب الزوجة او الابنة ذات ال11 عاما، تعليق من المعصم، ضرب بالأسلاك الكهربائية، لف الجسد بالجنازير الغليظة، ضرب على الوجه والفم والاضراس بلكمات وركل، شتائم بحق الزوجة او الابنة او الام او الاخت، الاجبار على الادلاء بإفادة كاذبة لا تمت الى الحقيقة بصلة، التهديد بما يسمى خوزقة، تسريب للاعلام، بل اكثر من ذلك فقد ساهم احد المحققين في اعداد حلقتين تلفزيونيتين امام عيني، ضغط نفسي تارة بإطلاعي على الاخبار ومشاهدتي بأم العين كيف يجري تدمير سمعتي وتحويلي من مسرحي يهوى مشاركة الناس الضحك الى عميل للعدو الصهيوني، الضغط بقراءة بوستات الفايسبوك التي يكتبها اصدقائي، ادخال جيران المنطقة للضغط، استجوابي من احد الصحافيات دون وجه حق، ادخال احد الاشخاص بلباس النوم والشحاطة يوميا، ليتفرج على اذلالي، واكتشف بعدها انه قريب لاحدهم ولا علاقة له بالتحقيق او بالجهاز رسميا، حرماني من الطبيب الشرعي، اجباري على التواصل مع اهلي من خلال فويسات يملونها علي، حرماني من المحامي”.

وقال: “واستمر الظلم حتى وصلت في 29 تشرين الثاني الى المحكمة العسكرية ووضعت في الافرداية لطمس معالم التعذيب قبل اعادتي الى النظارة بعد اسبوع، تقدم خلالها المحامي بطعن في التحقيق جراء اسقاط المادة 47 من حقوق الموقوف وهي حقي بالطبيب الشرعي. وانتظرت 20 يوما أخرى حتى موعد أول جلسة تحقيق مع القاضي العكسري، ودون التواصل مع احد من اهلي او المحامين، ورغم هذا كانت يداي لا تزالان تحملان آثارا بعضا منها الى الان، وكسور في الاسنان، وسط كل هذا سمحوا لي فقط بدواء مضاد للالتهاب ومسكن. ثم انتظرت لاكثر من شهر لاستمكال التحقيق مع قاضي التحقيق قبل ان يتخذ قراره بالتوسع بالملف، وانتقل بعد 20 يوما الى شعبة المعلومات حيث اعيد فتح القضية وتوصلوا الى الحقيقة الكاملة التي ادت الى توقيف المتهمين، وهما المقرصن ايلي غبش والمقدم سوزان الحاج وسجنهما، قبل خروج الاخيرة بإخلاء سبيل وخضوعها لمحاكمة لم تكن ضرورية يا بيتر. وبالتزامن مع بدء المحاكمة كانت ترتكب مجموعة مخالفات وانتهاكات يحاسب عليها القانون مكنتنا من رفع دعوى، قالوا لي إلجأ للقانون، وليس أمامنا الا القضاء، وبئس قضاة يعتريهم الخوف من السياسيين. كل ذلك حصل ولم أستطع تحريك دعوى في وقت تمكن فيه زياد حبيش من تحريك دعوى في حقي على خلفية بوست فايسبوك وتحويلي الى مكتب المعلوماتية، رغم اني انا أيضا سبق أن رفعت عدة دعاوى تشهير على الفايسبوك في حقي لم تتحرك لغاية الان”.

أضاف: “بناء على ما تقدم، أعلن أنا زياد عيتاني، العصيان المدني الفردي على هذه الدولة، فلا انا ملزم بضرائبها ولا بحضور ضابطتها العدلية او المثول في اي جنحة او شبهة او جرم، ولا بأي مسألة، قبل إعطائي على الاقل حقا من حقوقي وهو البدء بتحريك دعواي، والكشف عن قرار التمييز المجهول المصير في محاكمة الحاج – غبش، واعادتهما الى قوس المحكمة”.

وتابع: “أتوجه الى كل اللبنانيين والرأي العام، الى المنظمات الحقوقية والدولية، الى الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي، بالقول: نحن هنا في بلاد المظالم، بلاد محاكم ال بي. ار. العسكرية، بلاد تسحق مواطنيها، أناشدكم المضي في احقاق الحق واعادة الاعتبار وحماية مواطن تعرض لمنظومة فاسدة من رأسها الى أخمص قدميها، لا تعير اي حق من حقوق البشر اهتماما، بهلوانية سمجة، منظومة لا تليق بسمعة الدولة. هنيئا لسوزان وزياد وغبش وفراس وفريقه وبيتر والمحكمة العسكرية بهذه المنظومة، وهنيئا للمنظومة بهم، انهم يليقون بها وتليق بهم. لكن هذه ليست سهرة كوكتيل لكم، هذه ارضنا وبلادنا ونحن الناس، نحن الاصل، ونحن البلاد، والحق سيأتي عاجلا ام آجلا”.

وعرض عيتاني لملاحظاته على هامش التحقيق كالاتي: “لا اثر اطلاقا في كل مضبوطاتي وهاتفي لرسائل او ارقام مشبوهة، غير متفاعل مع رسالة غبش، عميل مادد انترنت من جاره، كل الاسماء المذكورة هي لاصدقائي من الواتساب ومحاثات الفايسبوك وجرى التركيز على اثنين منهم للايحاء بأن هناك شبكة ولوبي، زود ضابط التحقيق المفوض الحكومي بصور صحافيات لبنانيات كمشتبه بهن على انهن كوليت، رسالة غبش توحي بعلاقة قديمة لذلك كان الابتعاد عنها بالتواريخ، على جواز سفري رحلتان فقط الى شرم الشيخ وتركيا، عنوان اللقاء في اسطنبول هو نقطة امام السفارة اللبنانية، سافرت وزوجتي بقينا سويا ولم يتم استجوابها، اوقفوني أمام سيارتي التي لم يفتشوها، لا حوالات مالية ولا أفلام فيديو جنسية وقالوا اني قبضت في تركيا لكن لا اثر او متابعة، قصة اوتيل بستان روتانا وارقام الوزراء هي رسالة غبش، محضري 17 صفحة ومحضر سوزان وغبش 400 صفحة، اسم كوليت ونيلي، الرقم السويدي رقم خالي علوش بالدنيا هيك”.

صاغية
بدوره، عرض المدير التنفيذي “للمفكرة القانونية” المحامي نزار صاغية للدروس المستخلصة من قضية عيتاني، وقال: ” قضية زياد عيتاني لم تعد اليوم قضية عادية، فالأخطاء التي ارتكبت فيها منذ بدء الاستقصاء فيها حتى صدور حكم في قضية تلفيق التهمة، برزت بشكل مكبر بإمكان أي مواطن أن يتبين حجمها وخطورتها حتى ولو كانت معرفته بالقانون ضحلة أو حتى معدومة. وهذا الذي حملنا لاختيار عنوان الكاريكاتور في مقال سابق أو التهريج في هذا المؤتمر لوصف هذه القضية. فما يميزها هو كبر الأخطاء المرتكبة بها وضخامتها، على نحو يجعلها تقفز إلى الأعين. فنتعلم منها أشياء كثيرة عن عمل الأجهزة الأمنية والقضاء، أشياء تنطبق للأسف على قضايا كثيرة وتتسبب بمظالم كثيرة، إنما تبقى هناك غير مرئية أو باهتة فيما هي هنا واضحة وضوح الشمس. من هذه الزاوية، باتت هذه القضية تصلح اليوم كنموذج للتعليم يتعين على معاهد المحاماة أو القضاء أو الأمن إدخالها ضمن المناهج. وسأكتفي هنا أن أعرض على عجالة سبعة دروس كبيرة:

الدرس الأول، أهمية قرينة البراءة. هذا كان ربما الدرس الأول الذي أمكن جميع اللبنانيين أن يعاينوه بشكل دراماتيكي صادم فور انكشاف براءة عيتاني. فتسريب التحقيقات الحاصلة معه حين كان محتجزا وغير قادر على الدفاع عن نفسه، ونشرها بشكل واسع، أدى إلى تكوين قناعة شعبية عارمة على أنه “عميل”. وتذكرنا هذه الصدمة بأهمية منع التسريب في التحقيقات الأولية. وما يزيد من قابلية هذا الأمر للانتقاد هو أن المبرر الوحيد للتسريب هنا حسبما يظهر من تقاطع المعلومات هو نشوء مفهوم الأمن الديماغوجي، أي رغبة الجهاز الأمني بالترويج لذاته ولانجازاته ولو على حساب كرامات الناس. ورغم كبر حجم هذا الخطأ، فإن لا وزارة العدل ولا أيا من النيابات العامة تحرك لملاحقة الجهاز الذي ارتضى تسريب تحقيقاته بشكل استعراضي. فبدأ التقصير واضحا بينا داخل الجهازين الأمني والقضائي في حماية قرينة البراءة. وقد جاء توق الإعلام إلى نشر المعلومات المثيرة من دون التحري عنها، ليزيد من هذه المخاطر.

الدرس الثاني، أن آليات الوقاية من التعذيب أو مكافحته ما تزال معطلة. ففيما يتضمن قانون أصول المحاكمات الجزائية والقانون الصادر حديثا بشأن جرائم التعذيب (وبخاصة المادة 401 من قانون العقوبات) آليات للوقاية من التعذيب أو مكافحته، فمن البين أنه تم تعطيل مجمل هذه الأحكام في هذه القضية. فعدا عن أن أمن الدولة تنصل من أحكام المادة 47 من قانون أصول المحاكمات المدنية (فلم يمكن عيتاني من الاتصال بمحام و بأهله أو معاينته من قبل طبيب)، فإن النيابة العامة العسكرية عادت وأودعت عيتاني بعد إحالته إلى المحكمة العسكرية في الانفرادي طوال 20 يوما، مع منع تواصله مع أهله أو محاميه، وذلك بعدما أرجأ قاضي التحقيق جلسة الاستجواب لفترة يصعب فهم طولها. وقد يكون هذا الأمر سمح بمرور وقت كاف لإزالة آثار التعذيب الواضحة في حال وجودها. أسوأ من ذلك، أن الشكوى التي قدمها عيتاني في أواخر 2018 ما تزال حتى اليوم تراوح مكانها خلافا للقانون الذي يلزم النيابة العامة حفظها أو إجراء التحقيق اللازم وبنفسها خلال 48 ساعة من تقديم الشكوى.

الدرس الثالث، هو بروز وجه آخر من أوجه التطييف لأجهزة الدولة تمهيدا لاستتباعها وفق قاعدة لكل زعيم جهازه الأمني وقضاته، مع ما يستتبع ذلك من انعكاسات خطيرة على القضايا الحقوقية. وهكذا نكتشف مثلا أن مرجعية هذا الجهاز هي هذه الزعامة التي تشعر أن أي انتقاص من أداء هذا الجهاز انتقاص لها. والأمر لا يقتصر على هذا الأمر إنما يتسع ليشمل للأسف النيابات العامة: وقد تجلى ذلك من خلال الأداء المتفاوت لممثلي النيابة العامة. وقد جاء هذا التطور بمثابة استكمال للتشكيلات القضائية 2017 التي عمدت كل قوة سياسية وازنة من خلالها إلى تعيين قضاة مقربين منها في النيابة العامة العسكرية، على نحو جعل هذه النيابة العامة خاضعة لمرجعيات عدة، بما يناقض مبدأ وحدتها وينسف تماما استقلاليتها.

الدرس الرابع، من كان يتوهم أن بإمكان المحكمة العسكرية أن تضمن محاكمة عادلة، اكتشف بشكل واضح استحالة ذلك. فمن كان يبحث عن تعليل لحكمها في هذه القضية لم يجد أمامه إلا إجابات من نوع نعم ولا من دون أي تعليل. هذا فضلا عن أن المواطن شهد محكمة ترافع فيها نائب عام ومحامو دفاع ذهبوا أحيانا في الاتجاه نفسه، من دون أن يكون للضحية أن تدلي بدلوها أو أن تبرز أدلتها. هذا فضلا عن أن تكوين هذه المحكمة من قضاة عسكريين، يعينون بقرار من وزير الدفاع، ويبقون تابعين مباشرة له شكل العامل الحاسم لانهيار هذه الاستقلالية.

الدرس الخامس: انتشار ثقافة التدخل في القضاء. وقد تجلت في محلات عدة، أبرزها تصريح وزير الدفاع الياس بو صعب الذي بدا وكأنه يفاخر وفق أحد تصريحاته بعد يومين من صدور الحكم بدوره في الوصول إلى هذه النتيجة، وقد زعم أنه ضغط على المحكمة لمنع تأثرها بضغط فرع المعلومات عليها. في دولة ديمقراطية أخرى، تصريح كهذا يؤدي حكما إلى إقالة الوزير فورا، وحدها ثقافة التدخل حصنت الوزير المذكور وجعلت عمله كما عمل الكثيرين سواه بمثابة الأمر الطبيعي.

الدرس السادس: غياب المحاسبة بغياب استقلالية القضاء. رغم كل المخالفات التي شهدناها وما استتبعها من مظلمة (حبس ثلاثة أشهر)، فإن هذه القضية انتهت بإدانات وأحكام مخففة بحق المدعى عليهما في جريمة تلفيق تهمة العمالة أو التفرج عليها، أحكام أقل قسوة مما عانى منه عيتاني بنتيجة التهمة الملفقة. ولكن، بقيت أعمال التسريب والتعذيب المدعى به والإهمال من قبل النيابة العامة العسكرية وغيرها من الأجهزة القضائية والتدخل في القضاء كلها خارج إطار المحاسبة. والدرس الأساسي هنا هو أن المحاسبة تبقى مستحيلة بغياب استقلالية القضاء وتحرره التام من التبعية. وهذا الأمر ينطبق ليس فقط على محاسبة الأجهزة الأمنية إنما أيضا على محاسبة القضاة من قبل هيئة التفتيش القضائي. وخير دليل على ذلك هو رفض مفوض الحكومة العسكري المثول أمام هيئة التفتيش القضائي من دون أن تعمد هذه الأخيرة لاتخاذ الاجراء المناسب بفعل النقص في اسقلاليتها.

الدرس السابع، تغييب الضحية والتنكر لمعاناتها مع ما يستتبع ذلك من تهميش للحقوق الأساسية. وهذا الأمر حصل ليس فقط بفعل قانون المحكمة العسكرية، الذي منع مثول الضحية كمدع في المحكمة، إنما أيضا بفعل تقاعس الهيئات القضائية عن التحقيق في شكوى عيتاني رغم انقضاء ستة أشهر على تقديمها. وليس الأمر بأفضل لدى سائر إدارات الدولة التي لم تع حتى اليوم حجم الضرر الذي تكبده المواطن عيتاني من جراء انهيار الأداء المهني لدى العديد من مؤسساتها”.

وختم: “هذه هي الدروس التي نستشفها من مظلمة عيتاني والتي آن للدولة اللبنانية بمختلف مؤسساتها العدلية والأمنية التوقف عندها”.

مندور
وتحدثت الباحثة في الشؤون اللبنانية في منظمة العفو الدولية سحر مندور عن علاقة لبنان بالقانون الدولي، فأوضحت انه “في ايلول 2017 اتخذت السلطات اللبنانية خطوة لمواءمة لبنان مع التزاماته الدولية عبر التصديق على قانون لمناهضة التعذيب ضمن الهيئة الوطنية لحقوق الانسان، إلا ان لبنان ما زال يخضع لروتين تشكيل الهيئة، التي لم يتم تفعيلها ولم تصرف لها ميزانية”.

وعرضت “للانتهاكات في حق عيتاني الذي تعرض للظلم وشهر به قبل محاكمته والتحقيق معه، حيث لفقت له تهمة العمالة، وقيل انه اعترف بالتجسس لصالح العدو”، مشيرة الى أن “كل ذلك تبين أنه خطأ وملفق”.

ولفتت الى أن “قضية عيتاني كشفت عددا من الاخطاء، ومن المؤكد ان أعدادا هائلة من الناس يتعرضون للتعذيب فيعترفون بأمور غير صحيحة”.

وخلصت الى ان “النظام محمي بأساليب الانتهاكات والتعذيب من اجل استمراره وبقائه”.

لمشاركة الرابط: