إنعقد اليوم في المكتبة الوطنية في الصنائع ، مؤتمر حول اطلاق الاستراتيجية الوطنية للحد من مخاطر حرائق الغابات في لبنان بدعوة من وزارة البيئة وبالتعاون مع وزارة الزراعة والمديرية العامة للدفاع المدني والمجلس الوطني للبحوث العلمية ووحدة ادارة مخاطر الكوارث لدى رئاسة مجلس الوزراء وجمعية الثروة الحرجية والتنمية، وتمّ في خلال المؤتمر عرض النسخة المحدثة للاستراتيجية الوطنية للحد من مخاطر الحرائق 2022-2023.
أهداف الإستراتيجية
وتهدف الاستراتيجية إلى التقليص من خطر اندلاع المتكرر لحرائق الغابات وحدّتها بالتزامن مع تفعيل أنظمة للحرائق ذات استدامة اقتصادية واجتماعية وبيئية. وتشدد على مبدأ الوقاية من الحرائق قبل حدوثها من خلال تنفيذ خطط وإجراءات محلية اضافة إلى مبدأ التوعية للمواطنين والشراكة والتعاون بين مختلف الجهات المحلية والرسمية والامنية والقطاع الخاص والقطاع الاكاديمي.
شارك في المؤتمر وزيرا البيئة والزراعة في حكومة تصريف الاعمال ناصر ياسين وعباس الحاج حسن، رئيس لجنة البيئة النيابية النائب غياث يزبك، مدير الدفاع المدني العميد ريمون خطار، الممثلة المقيمة لبرنامج الامم المتحدة الانمائي ميلاني هاونشتاين، الامينة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلمية تمارا الزين، رئيسة جمعية الثروة الحرجية والتنمية سناء عبد اللطيف ومديرة الجمعية سوسن بو فخر الدين، رئيسة جمعية التحريج في لبنان مايا نعمة ومدير برنامج الاراضي والموارد الطبيعية في جامعة البلمند جورج متري وعدد من الخبراء والمسؤولين.
بو فخر الدين
وشرحت مديرة جمعية الثروة الحرجية والتنمية سوسن بو فخر الدين “دور البلديات في الوقاية من خطر الحرائق من خلال “تقشيش” جوانب الطرق بشكل تام على مسافة لا تقل عن 4 أمتار وتعيين شخصين على الاقل في كل بلدة لمراقبة المواقع الحرجية الحساسة التي قد تبدأ الحرائق منها، وتوزيع تعاميم على اهالي البلدة لتقشيش محيط أراضيهم الزراعية ومسكنهم القريبة من الاحراج وتجميع الاعشاب اليابسة في أماكن بعيدة والامتناع عن اشعالها، ومراقبة شرطة البلدية للمخالفات واتخاذ تدابير جدية بحق المخالفين بالتعاون مع قوى الامن الداخلي ومراكز الاحراج التابعة لوزارة الزراعة،
اما رئيسة جمعية الثروة الحرجية والتنمية AFDC سناء عبد اللطيف فركّزت “على حماية النظم البيئية الحرجية المهمة في لبنان والحفاظ عليها لصالح الأجيال الحالية والمقبلة من مختلف التعديات لاسيما حرائق الغابات”. وقالت “في حين نتفهم بعمق القيمة البيئية والاجتماعية والاقتصادية الهائلة التي تمتلكها الغابات لأمتنا، فهي توفّر موطنًا لمجموعة متنوعة من النباتات والحيوانات، وتساهم في مواجهة تغير المناخ، وتدعم سبل العيش المحلية”. هاونشتاين
وتكلمت الممثلة المقيمة لبرنامج الامم المتحدة الانمائي في بيروت ميلاني هاونشتاين معربة عن سرورها بإطلاق استراتيجية محدثة لإدارة حرائق الغابات وأن يعمل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كشريك رئيسي في هذا المسعى”. وأوضحت أنه “وفقًا للمجلس الوطني للبحوث العلمية ، في السنوات الخمس الماضية ، تم تسجيل حوالي 14،460 حريقًا في الغابات مما أدى إلى فقدان آلاف الهكتارات من الغطاء الحرجي بمتوسط سنوي يبلغ 167 حريقًا يؤثر في الغالب على الموارد البيئية والاقتصاد”. وقالت “الشيء الجيد هو أنه إذا تم اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة، فيمكن إطفاء الحرائق بل ومنعها. ولقد انخفضت الحرائق المسجلة بالفعل بنسبة 50٪ تقريبًا في عام 2021 ، بفضل جهود وزارة البيئة وشركاء آخرين. ومع ذلك، لا يزال الرقم مرتفعًا للغاية حيث تم تسجيل 1531 حريقًا في عام 2022. لذلك، يظل التأهب والتخفيف والوقاية من العوامل الرئيسية”.
واضافت: “حرائق الغابات ليست فقط مصدر قلق بيئي، ولكن تأثيرها محسوس أيضًا في العديد من القطاعات الأخرى. واشارت إلى “أن برنامج الامم المتحدة قام بتجهيز غرف العمليات المخصصة في 8 محافظات لبنان بالأدوات والإمدادات اللازمة لضمان عملها بشكل صحيح عند حدوث حرائق الغابات والأزمات الأخرى. ودعمنا إنشاء فرق المستجيبين الأوائل المدربة خصيصًا للتعامل مع حرائق الغابات وقمنا بتجهيزهم بالأدوات والمعدات اللازمة في جميع أنحاء البلاد. وبالأمس كنت في جزين مع سفير المملكة المتحدة ووزير الشؤون الاجتماعية والمدير العام للدفاع المدني لافتتاح منشأة دفاع مدني على أحدث طراز. هذا لا يحمي فقط غابات الصنوبر الجميلة في جزين، وهي الأكبر في الشرق الأوسط. كما تفيد بشكل مباشر 300 أسرة لبنانية تمتلك أشجار الصنوبر، و 40 مزارعًا وعائلاتهم يستثمرون في جمع ومعالجة الصنوبر، و 120 عاملًا للصنوبر، و 65 من موظفي الدفاع المدني والمتطوعين”.
خطار
وألقى المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار كلمة جاء فيها: “نلتقي اليوم في حفل إطلاق “الإستراتيجية الوطنية للحد من مخاطر حرائق الغابات في لبنان” بعدما تزايدت في الآونة الأخيرة حرائق الغابات بنطاق أوسع وضراوة أشدّ، وطرحت المزيد من التساؤلات حول الأسباب المحتملة، اذ يرى البعض ان موجات الطقس المتقلّب بسرعة قد يجعل الظروف مؤاتية لاشتعال حرائق الغابات، ويرى آخرون ان التغيّر المتسارع في المناخ يجعل الغطاء النباتي أكثر قابلية للاشتعال والتربة أكثر جفافاً، ما يزيد من احتمال نشوب تلك الحرائق، لكن ذلك لا يمنعنا من الإشارة إلى احتمال إضافي دلّت مؤشرات متكرّرة على الإفتعال المتعمّد للحرائق وهذا ما بات يُعرف بحرائق “الغايات” وراء حرائق “الغابات”.
وتابع: “تعلمون ولا شك ان الدفاع المدني يعاني نقصاً هائلاً في العتاد والتجهيزات الضرورية لأداء مهامه المحفوفة بمعظمها بالمخاطر، وزاد في الطينِ بلّة، تفاقم الأزمات النقدية والاقتصادية التي كادت تشلّ عمل هذا الجهاز الحيوي لولا الروح الوطنية والمناقبية العالية التي يتمتع بها أبطال الدفاع المدني موظفين ومتطوعين ينتشرون على جميع الأراضي اللبنانية، والذين قرّروا المثابرة على القيام بالواجب ولو باللحم الحي لنجدة مواطن مهدّد في سلامته، أم لانقاذ ثروة وطنية مهددة بالتلف ما جعلهم في حالة استنفار ترفع الجهوزية إلى حدّها الأقصى حين يرتفع مؤشر خطر الحرائق وفقاً لنشرة احتمال اندلاع حرائق الغابات التي تصدر يومياً عن المديرية العامة للدفاع المدني والتي تشير إلى المناطق الأكثر عرضة للحرائق، فاستحقوا بذلك تقدير الجميع أفراداً وجماعات، داخل لبنان وخارجه”.
وختم خطار: “يقتضيني الواجب أن أتوجّه بخالص الشكر والتحية إلى الجيش اللبناني، قيادة وضباطاً وأفراد ولا سيما في القوات الجوية لمؤزارتنا في إطفاء النيران التي تمتد في الأحراج ذات الطرق الوعرة أو تلك التي يتعذّر الوصول اليها. ولا بدّ هنا من مناشدة رؤساء وأعضاء المجالس البلدية تكراراً للتعاون مع الدفاع المدني لتدارك أخطار حرائق الغابات ومعالجتها من خلال تشييد خزانات مياه أو برك طبيعية لتغذية آليات الإطفاء عند الحاجة، وتأمين المسالك داخل الغابات لعبور الآليات ومراقبة الأماكن الحرجية.
وزير الزراعة
وكانت في المؤتمر مداخلة لوزير الزراعة في حكومة تصريف الاعمال عباس الحاج حسن تحدث فيها “عن ورشة تحديث قانون الغابات والتعاون مع مجلس النواب واهمية التشبيك والتعاون بين الوزارات والجمعيات والهيئات المانحة”، وشدّد “على ضرورة التركيز على تطبيق الاستراتيجية عبر تشكيل لجنة برعاية رئيس مجلس الوزراء تضم المعنيين من القطاعين العام والخاص لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية”، ولفت “إلى اهمية وقف الهدر وتأمين الموارد لحماية قطاع الغابات الحيوي والهام للبنان”.
الزين
بدورها، كانت مداخلة للأمينة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلمية تمارا الزين نوّهت فيها “بالوصول إلى خواتيم النسخة المحدثة للاستراتيجية والتي تأتي نتيجة لتضافر جهود تشاركية من كل المعنيين الذين أدركوا باكراً التحديات التي تمثلها حرائق الغابات في بلدنا وأدركوا ايضاً أن هكذا تحديات تستوجب أقصى درجات التعاون بين مؤسسات الدولة والمجتمع المحلي والدولي”. وقالت :”نعمل من خلال برامجنا على تسليط الضوء على ضرورة اعادة الاعتبار للرأي العلمي في صياغة السياسات العامة ومسار التنمية بعدما لاحظنا في السنوات الاخيرة تقهقراً واضحاً لثقة المواطن بما يقوله العلم وميلاً واضحاً لتفضيل المشعوذين ودجالين الصدفة على العلميين والباحثين ذوي المصداقية”. واضافت :”إسمحوا لي أن أوجّه شكراً خاصاً للخبراء المشاركين في تحديث الاستراتيجية: السيدة سوسن بو فخر الدين، الزميل شادي عبدالله من المجلس، الدكتور جورج متري، الدكتور شادي مهنا، والقاضية رولا عاكوم، والشكر موصول طبعاً إلى وزارتي الزراعة والبيئة ووحدة ادارة مخاطر الكوارث وجمعية الثروة الحرجية والتنمية”.
ياسين
وقال وزير البيئة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور ناصر ياسين :”ليس قليلاً أن نخفّض المساحات المحروقة من الغابات والاحراج ب 91 % العام الماضي. ليس قليلاً في ظروف مالية وادارية وسياسية غير مساعِدة لكنها حصلت.وقد يقول البعض لربما أحوال الطقس ساعدت، ربما. ولكن دراساتنا لأحوال الطقس تظهر أننا مررنا بنفس الظروف المناخية في السنوات السابقة ولم نفلح. فالمناخ العام الماضي وإن أتى عكس تيار الانهيارات الحاصلة له أسبابه:
أولاً: إحتضان محلي من أصدق الناس الغيورين على مناطقهم وبيئتهم وصحة أبنائهم وبناتهم. فهذه اللامركزية الحقيقية التي عملنا على تعزيزها عبر مجموعات مناطقية للرصد والحد من مخاطر الحرائق ونشر الوعي جعلت الناس أقرب إلى بيئتهم. وسنكمل تشكيل المجموعات في كل المناطق ال 15 الأكثر تعرضاً لخطر حرائق الغابات في لبنان ومأسستها بالتعاون مع البلديات والدفاع المدني ومراكز الاحراج ولجان المحميات والكشّاف والجمعيات البيئية والمؤسسات الريفية.
ثانياً: الانذار المبكر واستخدام العِلم والبيانات العلمية والأهم جعلها متاحة للجميع عبر وسائل التواصل والاعلام، جعلتنا نستشرف المخاطر ونبلّغ المناطق الأكثر خطراً، وهذا كله بالتعاون مع خيرة العلماء في المجلس الوطني للبحوث العلمية وجامعة البلمند والباحثين الآخرين. وكذلك دعم الاعلام والاعلاميين الذين لم يترددوا في نشر المعلومات ونقل الاخبار وتغطيتها، على أمل المزيد هذا العام.
ثالثاً: التدخل السريع والاستجابة المبكرة كل في منطقته حيث وضعنا مؤشراً اساسياً لقياس الأداء (KPI) يكون مستهدفه أقل من 20 دقيقة للتدخل. وهنا لا كلمات تكفي لشكر متطوعي الدفاع المدني وفِرق المستجيب الاول في كل المناطق الذين يصلون باللحم الحي في عكار والضنية وتنورين والمتن والمتن الاعلى وعاليه والشوف واقليم الخروب واقليم التفاح وجزين وصور وحاصبيا والبقاع الغربي وبعلبك وكل المناطق. وكذلك الدعم غير المنقطع للجيش والقوات الجوية الذين لا يترددوا بالمشاركة واحياناً في ظروف طيران صعبة في إطفاء الحرائق”.
وأضاف وزير البيئة :”هذا ما قمنا به وهذا ما نسعى إلى مأسسته اليوم عبر هذه الاستراتيجية المحدثة التي تغطي الجوانب كافة وبالتعاون مع الادارات المعنية كل بدوره وحسب مهامه ووظيفته. تبقى العبرة في التنفيذ، وأعلن اليوم أننا في صدد اطلاق صندوق طوارىء لدعم جهود إطفاء الحرائق نعمل على وضع قانونه وطرق ادارته مع البنك الدولي. وكذلك وضعنا مشروعاً بقيمة 4.5 مليون دولار كهبة من مرفق البيئة العالمي لدعم جهود المجتمعات المحلية ومجموعات المناطق وتعزيز امكاناتها وجهوزيتها للحد من مخاطر الحرائق وإطفائها”.
وختم ياسين: “قلت سابقاً “ليس الإحباط قدراً ولا الإستسلام مآلاً، بل سنعمل مع الناس الصادقين الغيورين على أرضهم للحفاظ عليها وادارتها بشكل أفضل واستدامتهما للأجيال المقبلة”.
المصدر : وطنية