مؤتمر في “بيت المحامي” عن تأثير وسائل الإعلام على الأسرة 

نظمت لجنة النشرة والإعلام ولجنة الأسرة في نقابة المحامين في بيروت مؤتمرا بعنوان “تاثير وسائل الإعلام على الأسرة”، في “بيت المحامي” في بيروت، شارك فيه مقرر لجنة تكنولوجيا المعلومات النيابية النائب الياس حنكش، نقيب المحامين في بيروت فادي المصري، المدعي العام لديوان المحاسبة القاضي فوزي خميس، النائب البطريركي لأبرشية بيروت للسريان الكاثوليك رئيس الإستئناف في عدة محاكم كاثوليكية المطران شارل مراد، رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط، رئيس جمعية متخرجي الجامعات الفرنسية البروفسور وليد عربيد، رئيسة لجنة النشرة والإعلام الدكتور ديانا رزق الله، رئيسة لجنة الأسرة المحامية رانيا حنا عيسى الخوري، الإعلامي ألبير كوستانیان، شخصيات قانونية وسياسية ودينية واجتماعية.
وركزت المداخلات على “اهمية الأسرة الصالحة في بناء مجتمع متماسك ومدى تأثير وسائل الإعلام سلبا او ايجابا في تشكيل حياتنا الأسرية والمجتمعية وثقافتنا وطريقة تفكيرنا”، مؤكدة ان “وسائل الإعلام اليوم قد أصبحت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. فهي وسيلة للتواصل والتثقيف والترفيه، ولكنها أيضا قد تكون سلاحا ذا حدين، اذ يمكن لها ايضا ان تسوق وتروج لثقافات وأيديولوجيات غريبة عن قيمنا وتقاليدنا، تشوش مفاهيم الشباب والشابات حول هويتهم الوطنية والدينية والاجتماعية”.
وأشارت المداخلات إلى أن “وسائل الإعلام والتواصل والتلفزيون والإنترنت تلعب دورا حاسما في تشكيل وعي الكبير في تشكيل الرأي العام ولديها تأثير مباشر على العلاقات الأسرية والافراد والمجتمع والقيم الأسرية وانماط السلوك الاجتماعي والثقافية”.
ولفت المحاضرون إلى “خطورة وسائل الإعلام الحديثة، من تلفزيون وإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، التي باتت داخل كل بيت، وخطورتها تكمن بما يمكن ان يعرض فيها من معلومات قد تؤثر بشكل مباشر في الأسر اللبنانية”، منبهين إلى “ضرورة اختيار ما يتناسب مع القيم اللبنانية وما فيه مصلحة الأسرة والمجتمع والوطن”.
وشددوا على “أهمية أن نعلم أولادنا كيف يستفيدون من هذه الوسائل، ولكن في نفس الوقت أن نكون يقظين لما قد تجره هذه الوسائل من مفاسد تنعكس سلبا على بلادنا ومجتمعاتنا التي لها شخصيتها وثقافتها وهويتها المشرقية”.
خميس
من جهته، أشار خميس في مداخلته إلى “الإطار القانوني والتشريعي، وقانون العقوبات العام 1943 دور القوانين اللبنانية في تنظيم المحتوى الاعلامي لحماية الأسر من المحتوى الضار، اذ سنت الدولة اللبنانية عدة قوانين الحماية الاطفال من التأثير السلبي لوسائل الاعلام ومنها: قانون المطبوعات العام 1963، وقانون البث التلفزيوني والاذاعي العام 1994، وقانون حماية الأحداث ( قانون رقم (/433/2002) الذي يهدف إلى حماية القاصرين من الاستغلال أو التعرض لمحتوى غير مناسب عبر وسائل الاعلام وقد نصت المادة 25 منه على ان الحدث يعتبر مهددا إذا وجد في بيئة تعرضه للاستغلال أو تهدد صحته أو سلامته او اخلاقه أو ظروف تربيته”.
وذكر أن “قانون الاعلام اللبناني يفرض رقابة على المحتوى الاعلامي بما يحفظ القيم العامة ويحمي القاصرين، ويلزم المؤسسات الإعلامية بمراعاة معايير أخلاقية عند بث المواد الموجهة للاطفال. وهناك قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الذي يجرم استغلال الأطفال عبر الانترنت، خاصة من خلال المحتوى الإعلامي غير المناسب، ويعزز دور الجهات المختصة في مراقبة المحتوى الرقمي لحماية القاصرين”.
وأوضح أنه “الى جانب هذه القوانين أنشىء لدى قوى الأمن الداخلي مكتب جرائم المعلوماتية عام ٢٠٠٦، يدخل ضمن مهامه مكافحة الانتهاكات عبر وسائل الاعلام المختلفة لحماية الأسرة والطفل”.
وطرح خميس “حلولا وتوصيات لتعزيز التأثير الإيجابي ومنها:
ضرورة تعزيز الرقابة على المحتوى الاعلامي، خصوصا الموجه للاطفال.
مسؤولية الشركات الاعلامية والمنصات الرقمية في الحد من الاخبار الكاذبة والمحتوى العنيف .
امكانية التعاون بين الجهات الحكومية ومنظمات المجمتع المدني لتوعية الاسر حول الاستعمال الأمن لوسائل الاعلام”.
عريمط
بدوره، قال عريمط: “نحن في حاجة إلى أن نكون على وعي كامل بالمسؤولية التي تقع على عاتقنا كآباء وأمهات، وكأفراد في المجتمع، تجاه أنفسنا وتجاه أبنائنا. علينا أن نعلمهم كيف يميزون بين الحق والباطل، بين ما هو مفيد وما هو ضار، وأن نغرس فيهم القيم الاخلاقية السليمة، حتى لا يتأثروا بما يعرض عليهم من مواد إعلامية قد تساهم في تدمير الروابط الأسرية”.
اضاف: “يجب أن نحرص على أن يكون إعلامنا في منازلنا إعلاما هادفا يتماشى مع قيمنا الوطنية والدينية، ويسهم في بناء مجتمعنا على أسس من القيم النبيلة التي تعلمناها من الاباء والاجداد في هذا الوطن الجميل لبنان، ولنستخدم وسائل الإعلام بشكل رشيد لتكون سببا في تقوية روابطنا الأسرية، وتعزيز هويتنا الثقافية، وتوجيه أجيالنا إلى ما فيه خير بلادنا وامتنا في هذا الشرق العربي الجريح”.
مراد
وقال مراد: “لطالما اهتمت الكنيسة الكاثوليكية، في إطار رسالتها الرعوية وتعليمها العقائدي، بوسائل التواصل الإجتماعي وتأثيرها المباشر في عالم اليوم”.
اضاف: “ان وسائل التواصل الإجتماعي هذه، التي تساهم أي مساهمة في فهم المرء للعالم المحيط به، تؤثر على قراراتنا وتغذي علاقاتنا ولها أن تقوم بدور كبير وخطير على مستوى الأنجلة والخير العام. بيد أن استعمالا سلبيا لهذه الوسائل، قد يتحول إلى أداة تدمير وتفرقة وإفساد للأخلاق وتشويه للحقائق”.
وسلط الضوء على الأسس الرئيسية لتعليم الكنيسة الخاص بوسائل التواصل الإجتماعي، مشيرا إلى دورها في “عملية الأنجلة الحديثة، لاحظا أيضا التحديات المطروحة والحلول التي يعرضها تعليم الكنيسة الكاثوليكية في هذا الإطار ليصار إلى استعمال مسؤول ومسيحي لهذه الأدوات. والأسس الرئيسية: هي الكرامة الإنسانية ورفع شأن الحقيقة، كرامة الشخص البشري، الحقيقة والأصالة”.
وذكر أن “الكنيسة تعلم أن التواصل الإجتماعي يهدف إلى نشر الحقيقة الأصيلة غير المزيفة، دون تحريف أو تلاعب بعيدا عن أي شكل من أشكال المناورة لذلك، فهي تشدد على دور الصحافيين والمحررين والناشرين والمنتجين لأي شكل من أشكال المحتوى المعلوماتي”.
وأشار إلى أن “الأيام العالمية لوسائل التواصل الإجتماعي تأسست على عهد البابا بولس السادس عام 1967، لتكون مناسبة تفكر فيها الكنيسة بالمسائل الشائكة على المستويات الأخلاقية والاجتماعية والروحية بوسائل التواصل تلك، ففي العام 2023 شدد البابا فرنسيس على أهمية دور التواصل الحقيقي والمحترم، وذلك بقوله على وسائل التواصل أن تكون طريقا لبناء الجسور وليس الجدران”.
وتحدث عن “التحديات الأخلاقية وعالم التواصل الإجتماعي، وهي التلاعب والتضليل، الإستخفاف بالروحانية المسيحية والاستهتار بالمبادئ الأخلاقية، الإدمان على استعمال التكنولوجيا”.
وعن مواقف الكنيسة، أوضح انها “تقوم على التربية والتمييز، التنشئة على استعمال سليم لوسائل التواصل، اذ في الأزمنة الأخيرة التي شهدت تطورا سريعا جدا لوسائل التواصل الإجتماعي، وانتشارا هائلا لها في أوساط الشبيبة والمتقدمين بالسن لا بل لدى الأحداث والناشئة والأطفال: تسريت معلومات خاطئة ومزيفة إلى عقول الكثيرين وأفسدتها. لأجل ذلك تواجه المجتمعات غيابًا تاما للمسلمات الأخلاقية والدينية والعلائقية لدى الناشئة والشبيبة على وجه الخصوص، في ظل انتشار واسع وخطير للنسبية والانتقائية هذا الضياع الجوهر القيم واختلاط المبادئ المسيحية بالتيارات الأخرى المنحرفة عن القانون الطبيعي وعن القانون الوضعي، ولد تشويشا في أذهان الناس وأبعدهم عن بوصلة الحق والخير والجمال وحسن السلوك وأسس التربية المدنية الحقة والسيرة الحميدة المرضية الله والضمير”.
وقال: “هذا الواقع المأساوي تحاول معالجته المدرسة الكاثوليكية قدر الإمكان، لكن صوتها لا يستطيع بلوغ أذهان المتعلمين وقلوبهم، ولئن كان هو أيضا صوت الوالدين: إن لم تخفت أصوات وسائل التواصل الإجتماعي المحرفة للحقائق والمشوهة للصواب والفكر السليم. وفي هذا السياق، تشجع الكنيسة على تربية الشباب تربية صحيحة هادفة تثير لديهم الرغبة في انتقاء المعلومات التي تصلهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي لأجل غربلتها وتمحيصها. هذا ما تشير إليه أيضا رسالة الكرسي الرسولي “بين العجائب”، بقولها: “على جميع المسيحيين، ولا سيما منهم الشباب، أن يتعلموا استعمال وسائل التواصل الاجتماعي على وجه صحيح”.
وعن موقف الكنيسة والذكاء الإصطناعي قال: “يتسم موقف الكنيسة الكاثوليكية من الذكاء الاصطناعي بالتوازن بين الفوائد المحتملة والمخاطر في السنوات الأخيرة، بدأت الكنيسة في مناقشة القضايا الأخلاقية والاجتماعية المرتبطة بتطورات الذكاء الاصطناعي، مع التركيز على ضرورة استخدام هذه التكنولوجيا بطريقة تعزز الكرامة البشرية وتخدم الخير العام. وشدد البابا فرنسيس في رسالته بمناسبة اليوم العالمي الـ 57 للسلام الواقع في 1 كانون الثاني 2024، على جعل كرامة كل إنسان والأخوة الإنسانية أساس التطور التكنولوجي”.
كوستانيان
ثم عرض كوستانيان لتحربته الشخصية في مجال الإعلام والأسرة، وقال: “هناك تكامل بينهما من جهة ومن جهة اخرى تضارب. التضارب يكمن في ان الإعلام يأخذ وقتا من التفاعل الأسري، كما ان وسائل التواصل الاجتماعي تعطينا ما نود ان نسمعه او نعرفه وبدل ان ينفتح الفرد يصبح اكثر انغلاقا لأنه يثبت ما نود ان نسمعه. اما التكامل فهو ان الاعلام اصبح فردا من الأسرة وعليها ان تقوم بدور الرقابة وتصفية لما يخالف قيمها”.
واعطى أرقاما عن “إحصاءات في الولايات المتحدة الاميركية حول ان الأشخاص الذين هم ما دون عمر 30 عاما يقضون 7 ساعات ونصف الساعة يوميا على الهاتف، و30% من الساعات السبع يقضيها مع شاشة اخرى اي مع التلفزيون مثلا او ايباد”.
وقال: “في لبنان هناك 4 مليون ونصف مستخدم لوسائل التواصل الإجتماعي التي تفوقت على وسائل الإعلام التقليدية، ولكن على الرغم من ذلك لا يزال التلفزيون التقليدي مستمرا وهو الوسيلة المفضلة للبنانيين اذ ان 60% من اللبنانيين يقضون ساعة من الوقت يشاهدون التلفزيون يوميا، بينما 12% يستمعون إلى الراديو و 3% يقراؤن الصحف”.
كما تطرق إلى “اهمية الجدية في الإعلام وضرورة ان يكون الاعلامي مثقفا ويتحقق من الأخبار قبل نشرها، اذ ان هناك أربعين بالمئة من الأشخاص يتعرضون للأخبار الزائفة يوميا ويكون مصدرها الإعلام”، مشددا على “ضرورة ان تناقش هذه المواضيع بين أفراد الأسرة”.
حنكش
أما حنكش فأكد “اهمية وسائل التواصل الاجتماعي في تقريب التواصل بين أفراد الأسرة، والانفتاح والمعرفة الكبيرة للجيل الجديد جراء استعماله هذه التكنولوجيا الحديثة”.
وتطرق إلى السلبيات ومنها التحديات التي تتسبب بالوفاة احيانا والادمان على الهاتف، والعالم الافتراضي dark web حيث تحصل كل الامور غير القانونية من الاتجار بالبشر إلى المخدرات والتهريب وتبييض الأموال.
وتحدث عن القوانين اللبنانية القديمة في وقت تتطور التكنولوجيا يوميا، وعن مسؤولية النواب في اللجان في تطوير هذه القوانين، وقال: “احد القوانين التي نعمل عليها حاليا، هو قانون التجارة البرية وتطوير قانون للمناطق الحرة للصناعات التكنولوجيةة. ونحن علينا مسؤولية لتطوير القوانين والتشريعات كي نستطيع التماشي مع السرعة التي تسير بها الأمور. لدينا مسؤولية واضحة امام الناس والمجتمع الدولي ان تنتظم هذه الحياة التشريعية والديمقراطية في لبنان، ابتداء من العمل في اللجان”.
وعدد وسائل الحماية ومنها “المراقبة وخيارات حذف العنف وغيره، والتشريعات التي سنت في العام 2018 وقانون المعاملات الإلكترونية وفيها حماية البيانات الشخصية، وشهدنا العمليات الارهابية والحروب السيبرانية التي تدخل إلى منصات تحوي بياناتنا الشخصية. انها ورشة كبيرة تبدأ من مسؤولية الأهل في المنزل وتنتهي باستعمال كل وسائل الحماية المتاحة بين أيدينا”.
المصري
وشدد نقيب المحامين على “اهمية العودة إلى القراءة والكتاب لتشكيل الثقافة وليس فقط الاعتماد على وسائل التواصل كمصدر”.
وتطرق إلى “مخاطر وتأثير هذه الوسائل على الأفراد والأسر”، مشددا على “ضرورة تطوير القوانين من قانون المطبوعات إلى قانون العقوبات وحماية الجماعات مثل الاحداث والذين لديهم حالات ضعف معينة”.

المصدر وطنية 

لمشاركة الرابط: