تعددت الإنتقادات لأولمبياد باريس منذ بداية التحضيرات والتضييق على حركة سكان باريس إلى حفل الإفتتاح الذي طالته انتقاذات لاذعة بعد أن ضم مشاركة متحولين جنسياً في مشهد تمثيلي فسره البعض على أنه محاكاة ساخرة للعشاء الأخير للمسيح، إلى مجريات المنافسات ويوميات المشاركين والمشجعين ومعاناتهم مع سكان ثقيلي الظل من الجرذان التي غصت بها “مدينة الجن والملائكة “عقب الأمطار الغزيرة التي هطلت على باريس خلال 48 ساعة التي تزامنت مع افتتاح الأولمبياد.
وسكان المعمورة الذين تسمروا أمام الشاشات لمتابعة 10 آلاف و500 رياضي ورياضية يمثلون 206 دول يتنافسون في 32 رياضة ليسوا موعودين بمتابعة وقائع المسابقات والمنافسات فحسب، ولكنهم على موعد مع نيران السياسة ولهيب الصراعات المسلحة، ومناقشات النظافة والبيئة وظاهرة الجرذان، وسجالات تتعلق بحق للمرأة في المشاركة الرياضية ، والنقاشات حول حق الرياضيين المتحولين جنسياً في المشاركة، والقوس مفتوح حتى الـ11 من أغسطس آب المقبل مع الحفل الختامي لأولمبياد باريس.
ظاهرة الجردان التي كثر الحديث عنها جعلت دورة الألعاب الأولمبية “باريس 2024″، تواجه خطراً حقيقياً ، بسبب حالة من الفوضى خلفتها العاصفة والأمطار التي غمرت المدينة الفرنسية منذ ليلة الافتتاح، الجمعة الماضي.
وأنفق مسؤولو باريس 1.2 مليار يورو في محاولة لتحسين جودة المياه قبل الألعاب، وذلك لتقليل مستوى التلوث، لكن يبدو أن ذلك لم يحل المشاكل التي يعاني منها النهر الذي كانت السباحة فيه ممنوعة على سكان باريس قبل نحو قرن.
6 ملايين جرذ “ضخم بحجم القطط”
وأفادت صحيفة “ديلي ستار” البريطانية، أن الأمطار الغزيرة التي هطلت على العاصمة الفرنسية خلال 48 ساعة ويصل منسوبها إلى 2 بوصة تسببت في خروج حوالي 6 ملايين جرذ “ضخم بحجم القطط” من جحورها تحت الأرض، حتى أن الفئران هاجمت أحد صحفيي “ديلي ستار” أثناء جلوسه لتناول العشاء في ضاحية بيرسي.
ولم يقتصر الأمر على مجرد رؤيتها وهي تهرع عبر المطاعم والحانات، مما أرعب المشجعين الذين سافروا من جميع أنحاء العالم لحضور الحدث الرياضي، لكن المخاطر الصحية الناجمة عن مخلفات الفئران أثرت بالفعل على أحداث الألعاب.
ولفتت الصحيفة، إلى أن البكتيريا الموجودة في بول الفئران قد تسبب داء البريميات، مما يؤدي إلى ظهور أعراض تشبه أعراض الأنفلونزا وتلف الكبد والكلى.
وفي هذا الصدد ألغى المنظمون يوم الثلاثاء منافسات الرياضة الثلاثية الترياثلون (السباحة، ركوب الدراجات، الجري)، إلى اليوم الأربعاء، بسبب ارتفاع مستويات تلوث نهر السين ومنع اللاعبين من التدريبات يومي الأحد والاثنين.
وصرحت اللجنة المنظمة إن الخطر المتزايد هو نتيجة الأمطار التي أفسدت حفل الافتتاح يوم الجمعة الماضي ومنافسات التنس يوم السبت.
وتحاول اللجنة المنظمة احتواء الأزمة من خلال إجراء عمليات تنظيف عميقة للأماكن الأولمبية لإزالة المواد الغذائية والقمامة التي تجذب الحشرات، كما تم تنظيف نقاط خروج المجاري.
عمدة باريس: الفئران مفيدة في صيانة المجاري
وذكرت نائبة عمدة مدينة باريس، آن كلير بوكس، المسؤولة عن الصحة العامة، إنها لا تريد القضاء على الفئران، بل فقط إبقائها تحت الأرض، مشيرة إلى أنها “مفيدة في صيانة المجاري”.
يشار إلى أن باريس لديها واحدة من أكبر تجمعات القوارض في العالم، والتي يفوق عددها عدد سكان العاصمة 2.2 مليون نسمة بنسبة تزيد عن اثنين إلى واحد.
وأضحت الجرذان جزءا من ديكور” مدينة النور” التي يقصدها 44 مليون زائر سنويا، كما غزت هذه القوارض شوارع باريس وباتت تنافس السكان والزائرين على حد سواء.
وكانت عمدة بلدية باريس آن هيدالغو قد اقترحت السنة الماضية في مساعيها لمواجهة الظاهرة، إنشاء لجنة لدراسة “التعايش” مع هذه الجرذان.
وتحاول السلطات المحلية، منذ سنوات ومن دون جدوى، التعامل مع ملايين الجرذان التي تعشش في العاصمة الفرنسية.
واعتبرت بلدية باريس التي تلقت العديد من الانتقادات بسبب انتشار القوارض في الشوارع الباريسية وما تسببه من أضرار للسكان، ومع ضغط الإيكولوجيين الذين يعارضون قتل القوارض، اعتبرت أن “مسألة التعايش مع الجرذان تطرح نفسها”.
وفي هذا الصدد صرحت، المنتخبة الإيكولوجية في بلدية باريس، آن سويرس في وقت سابق قائلة “لقد قررنا، مع السيدة العمدة، في هذه الفترة الأخيرة تأسيس لجنة على مسألة التعايش” هذا بهدف “أن نكون أكثر فعالية والعمل على أن لا تكون الأمور غير محتملة بالنسبة للباريسيين”.
وترى المنتخبة أن الجرذان “لا تشكل خطرا على الصحة العامة”، لكنها استطردت وقالت إن “هذا لا يعني السماح للفئران بالتجول في المدينة”.
وأكدت نائبة عمدة بلدية باريس أن البلدية ستقوم بالتوعية واستقدام آلاف سلات النفايات لأن ترك الطعام خارجا حسبها و هو السبب الرئيسي لمضاعفة وخروج الجرذان، مشيرة إلى أن الجهات الوصية ستلجأ إلى الأفخاخ إذا لم تجد حلا آخر.
وأوضحت المسؤولة إلى أن هذه القوارض “لا ترتقي إلى أن تكون مشكلة صحية عامة” على الرغم من أنها حاملة لبعض الأمراض، وشدّدت على أنّ المرض يشكّل خطراً رئيسياً على جامعي القمامة الذين يمكن تطعيمهم باللقاحات المضادة.
وفي حين لاقت هذه المقترحات ترحيباً من الإيكولوجيين وجمعيات الرفق بالحيوان التي تطالب بعدم قتل القوارض، إلا أنها قوبلت بالإستهجان من المعارضة التي تعتبر أن “تواجد هذه القوارض يسيء إلى حياة الباريسيين” وإلى إقامة “الـ44 مليون زائر للمدينة سنويا”.
العربية
باريس