ووري جثمان الإعلامية الراحلة شيرين أبو عاقلة الثرى في مقبرة جبل صهيون في باب الخليل بمدينة القدس المحتلة، وسط حضور حشد كبير من المشيعين مسلمين ومسيحيين.
وأقيمت في كنيسة الروم الكاثوليك في مدينة القدس المحتلة مراسم تشييع جثمانها، كما أدى مسلمون صلاة الجنازة عليها في المستشفى الفرنسي في القدس، حيث سجي الجثمان منذ يوم أمس.
واحتشد المئات في فناء المستشفى ونظموا وقفة بالأعلام الفلسطينية رددوا خلالها هتافات تكرم الزميلة الراحلة شيرين أبو عاقلة وتندد بقرار الاحتلال الذي منع رفع الأعلام الفلسطينية في منزل عائلة الفقيدة.
وكانت شرطة الاحتلال الإسرائيلي اعتدت على موكب تشييع الزميلة شيرين أبو عاقلة في مدينة القدس المحتلة، وحاصرت المستشفى الفرنسي حيث انطلق موكب التشييع، وبمجرد تحرك الموكب اعتدت بالهراوات على المشيعين ومنعت انطلاقه.
واشترطت قوات الاحتلال نقل جثمان شيرين عبر سيارة وقامت بنزع العلم الفلسطيني عنها ومنعت الفلسطينيين من اللحاق بجثمان الزميلة الراحلة.
وفي وقت سابق، أخضع الاحتلال الإسرائيلي بعض جنوده للتحقيق حول اغتيال مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، وفي الوقت ذاته مارس التضييق على ترتيبات جنازتها، وبينما ظهرت للعلن شهادات جديدة حول الجريمة دخلت واشنطن على الخط وعبرت عن موقف جديد.
وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسرائيلية إن تحقيقا للجيش كشف أن شيرين أبو عاقلة قتلت بإطلاق نار من داخل سيارة جيب.
وقد نقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية عن مسؤول عسكري إسرائيلي أن الجيش يحقق في 3 وقائع إطلاق نار من قبل جنوده خلال حادثة قتل أبو عاقلة.
وأضافت الصحيفة أن جيش الاحتلال يحقق في اتهام أحد عناصره بقتل شيرين أبو عاقلة.
وأكد موقع “والا” الإسرائيلي أن جيش الاحتلال لا يستبعد في هذه المرحلة أن تكون قواته استهدفت بالخطأ مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة فأردتها قتيلة.
من جانبها، نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” (The Wall Street Journal) الأميركية عن مسؤول عسكري إسرائيلي قوله إنه لا يمكن استبعاد أن تكون الرصاصة التي قتلت مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة صادرة من الجانب الإسرائيلي.
وأضاف أن الجيش حدد حالة إطلاق نار جرت أول أمس الأربعاء من قبل الجانب الإسرائيلي يعتقد أنها تسببت في مقتل أبو عاقلة.
وفي السياق ذاته، قال قائد القيادة المركزية الإسرائيلية اللواء يهودا فوكس -في مقابلة مع قناة إسرائيلية- إنه لا يستبعد أي سبب محتمل لاغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة.
وأضاف فوكس أن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار بشكل عشوائي على عدة أماكن، وأنه في هذه المرحلة لا يعرف على وجه اليقين سبب إصابة أبو عاقلة.
أدلة وبيانات
كما كشف تحقيق للجزيرة عبر تحليل بيانات موقع الاغتيال وجود مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة في مرمى قوات الاحتلال، وفند التحقيق الرواية الإسرائيلية الأولية التي تحدثت عن احتمال استهدافها برصاص فلسطيني.
وأوضح تحديد الموقع الجغرافي للمقطع الذي يظهر إطلاق النار من مقاومين فلسطينيين أنهم كانوا على بعد 260 مترا من مكان شيرين أبو عاقلة، وتفصل المكانين أبنية سكنية بارتفاعات متفاوتة، وهو ما يستبعد وجود مرمى واضح لإطلاق النار بين المكانين.
وقد برزت للعلن شهادات ميدانية جديدة تؤكد تورط إسرائيل في اغتيال الصحفية أبو عاقلة وتنفي وجود مسلحين فلسطينيين قرب مكان العملية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصورها في جنين أنه لم يشاهد مقاتلين فلسطينيين بالقرب من المكان الذي استشهدت فيه مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة.
وأضافت الوكالة أن مصورها أكد أن إطلاق الرصاص كان من قبل الجيش الإسرائيلي، وأنه شاهد جثمان الزميلة شيرين التي كانت تضع خوذة وسترة واقية من الرصاص كتب عليها كلمة “صحافة”.
وتضاف شهادة مصور الوكالة الفرنسية إلى شهادات صحفيين ومصورين آخرين دحضوا الرواية الإسرائيلية التي حاولت في البداية التنصل من مسؤولية قتل أبو عاقلة وتحميلها لمسلحين فلسطينيين.
في الأثناء، قال المتحدث الإقليمي بإسم الخارجية الأميركية صامويل وربيرغ إن الولايات المتحدة جاهزة لتقديم أي مساعدة في التحقيقات الجارية بشأن اغتيال شيرين أبو عاقلة.
وأضاف وربيرغ في مقابلة مع الجزيرة- أن واشنطن لا تعتقد أن المحكمة الجنائية الدولية المكان الأنسب للنظر في مثل هذه القضية.
كما شدد على أن الولايات المتحدة تتوقع مساءلة كاملة لمرتكبي جريمة اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة، مؤكدا أن واشنطن ستتابع عن كثب التحقيقات الجارية بشأن ملابسات اغتيالها.
ترتيبات الجنازة
وفي حديث للجزيرة قال طوني أبو عاقلة شقيق الزميلة الراحلة شيرين إن قوات الاحتلال رفضت وجود أي علم فلسطيني داخل منزل العائلة.
وأضاف أن “قوات الاحتلال الإسرائيلي تتربص بالتشييع، ونتمنى أن يمر بسلام”.
وتعهد أبو عاقلة بأن تسلك العائلة كل الطرق لتقديم الجناة للعدالة “وسنلجأ لاستشارات قانونية ونطالب بتحقيق دولي شفاف بمشاركة السلطة الفلسطينية”.
وقال مدير قناة الجزيرة أحمد اليافعي إن “قضية محاسبة قتلة شيرين أبو عاقلة هي قضيتنا وقضية العالم الحر”.
اليافعي -الذي شارك في تشييع الراحلة بالقدس المحتلة- تعهد بمواصلة الجزيرة تغطية الشأن الفلسطيني، وقال “سنحاسب قاتل شيرين أبو عاقلة”.
من جهة أخرى، ذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن مئات من ضباط الشرطة الإسرائيلية ينتشرون بشكل علني وسري لمواكبة جنازة شيرين أبو عاقلة.
وقالت “تايمز أوف إسرائيل” إن الشرطة الإسرائيلية تستعد لاضطرابات محتملة في وقت مبكر من اليوم الجمعة قبل جنازة أبو عاقلة.
وأمس الخميس، شيع موكب رسمي وجماهيري جثمان ابو عاقلة من المستشفى الاستشاري في رام الله إلى مقر الرئاسة الفلسطينية.
ووسط حضور جماهيري كبير طوال الطريق لُف الجثمان بعلم فلسطين، ونقل في سيارة عسكرية، حيث أقيمت لها مراسم تشييع ووداع رسمية.
وحاصرت الشرطة الإسرائيلية مشيعي الجنازة أمام المستشفى الفرنسي في القدس، كما عرقلت قوات الاحتلال موكب التشييع المتجه إلى القدس، وفق ما أفاد مراسل الجزيرة.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلية اغتالت أبو عاقلة أثناء توجهها لتغطية الأوضاع والتطورات في مخيم جنين صباح أول أمس الأربعاء.كما أصيب منتج الجزيرة علي السمودي الذي استهدف معها بإطلاق النار عليه في ظهره.
وقوبلت الجريمة بردود فعل عربية ودولية غاضبة، حيث طالبت حكومات ونقابات ومنظمات بإجراء تحقيق في الجريمة ومحاسبة مرتكبيها.
واليوم الجمعة، قال خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري إن الاحتلال الإسرائيلي يقتل الصحفيين والإعلاميين لأنهم يكشفون جرائمه ومخططاته.
وشدد صبري على أن “الإدانة ثابتة وجريمة سلطات الاحتلال واضحة في اغتيال شيرين أبو عاقلة”.
المصدر : الجزيرة ووكالات