تحوّلت الشوارع في طرابلس إلى ساحات للتعزية بضحايا «قارب الموت» وسط حداد وطني عام، نكست خلاله الإعلام في المقرار الرسمية فيما شيّعت الفيحاء طرابلس ضحايا أحيائها الفقيرة والمعدمة، وسط ذرف دموع التماسيح من قبل الطبقة السياسية الحاكمة، والحالمة بالبقاء لسنوات أربع قادمة في السلطة.
ويحظى الحادث الكبير والمؤلم بالبحث على جدول أعمال جلسة استثنائية لمجلس الوزراء.
وعلمت “اللواء” أن أي دعوة لقادة أمنيين أو أي جهة معنية إلى مجلس الوزراء الاستثنائي في قصر بعبدا تبقى واردة، لا سيما أن الجلسة مخصصة للبحث في مأساة حادثة غرق زورق في طرابلس وسقوط ضحايا.
وافيد أن معظم التقارير الخاصة بالحادثة ستحضر في الجلسة. ومن المرتقب صدور موقف عن المجلس حيال ما حصل.
قارب المأساة
إنشغل لبنان خلال عطلة الفصح الشرقي بفاجعة غرق زورق يقل مهاجرين لبنانيين وفلسطينيين بطريقة غير شرعية من طرابلس، تضاربت المعلومات حول عددهم بين من قال انهم نحو سبعين ومن قال انهم 84 شخصا بينهم اطفال ونساء وقضى عدد منهم غرقا، وتم انقاذ نحو اربعبن.
واثارت الفاجعة موجة استنكار واسعة لتمادي تجار الموت وتهريب الاشخاص في استغلال يأس المواطنين وانعدام اي افق بمستقبل واعد امامهم وامام اولادهم وتقاضي اموالاً طائلة منهم لقاء تهريبهم الى المجهول في اوروبا من دون اي ضمانات. وقد اوقف الجيش عددا من المشتبه بتورطهم في عملية التهريب ثم افرج عن عدد منهم. كما كان لافتاً الاستثمار السياسي الفوري للحادثة وتوجيه الاتهامات لقائد الجيش وبعض الشخصيات السياسية قبل ان تهدأ النفوس ويسود منطق العقل.
واثار الحادث توترا امنيا في طرابلس بعد نقل جثامين الضحايا مساء يوم الأحد الماضي وشهدت المدينة اطلاق نار كثيف ومتنقل، وجرى التعرض لدوريات الجيش وحواجزه، بعد اتهام عدد من الناجين لزورق بحرية الجيش بصدم زورق المهاجرين ما ادى الى تسرب المياه اليه وغرقه بمن فيه. لكن الهدوء عاد طيلة نهار أمس بعد اجراءات مكثفة للجيش.
لكن قيادة الجيش نفت هذه الواقعة وقال قائد سلاح البحرية العقيد الركن هيثم ضناوي في مؤتمر صحفي لشرح ملابسات المأساة: ان المركب الذي غرق صناعة 1974 وصغير طوله عشرة امتار وعرضه 3 امتار، والحمل المسموح له هو 10 اشخاص فقط ولا وجود لوسائل امان فيه.
وأضاف: دورية من البحرية حاولت حث الزورق الغريق على العودة لأن الوضع غير آمن، ولو لم نوقف الزورق لغرق خارج المياه الإقليمية اللبنانية.
وتابع: حاول قائد المركب الهرب فارتطم بمركب القوات البحرية للجيش اللبناني محملا إياه مسؤولية الاصطدام بإحدى مركبين تابعين للبحرية. وشرح بالصور تفاصيل ما جرى وقال: لم يتم استعمال السلاح من قبل عناصرنا.
وأشار ضناوي الى أن المركب غرق بسبب الحمل الزائد بسرعة كبيرة ولولا وجود عناصرنا بالقرب منه لكان عدد الضحايا اكبر. وأردف: عناصرنا قامت بواجبها وهي التي انقذت العدد الأكبر من ركاب الزورق.
وقد استمرت قوى الجيش البحرية والجوية في اعمال البحث عن المفقودين من يوم امس الاول وطيلة يوم امس، حيث طفا عدد من الجثث في المياه بين طرابلس وشكا، فيما جرى امس تشييع بعض الضحايا وسط حالة حزن شديد وإعلان الحداد الرسمي بقرار من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
ويعقد مجلس الوزراء جلسة استثنائية عند الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر اليوم في القصر الجمهوري، للبحث في موضوع غرق الزورق وتداعياته، والبحث في الاوضاع الامنية في مختلف المناطق اللبنانية، حسب الدعوة الرسمية للوزراء.
اما في مسألة معالجة نتائج كارثة غرق الزورق، فإن اتصالات من بعض نواب طرابلس ستتم مع الرئيس ميقاتي والهيئة العليا للإغاثة لبحث امكانية تقديم بعض المساعدات المالية للعائلات المفجوعة او تلك التي تعاني الفقر والحرمان.
لا مدارس في طرابلس اليوم
وتقفل المدارس في طرابلس أبوابها اليوم، على خلفية الوضع غير المستقر في المدينة، في ضوء غضب وسخط الأهالي على غرق القارب في عرض المياه الإقليمية اللبنانية قبالة شاطئ طرابلس.
كما تنقّلت التوتّرات الأمنية في مختلف المناطق الطرابلسية حيث عملت وحدات الجيش على تنفيذ انتشار أمني مكثّف حول المراكز والثكنات العسكرية في منطقة القبة بعدما شهدت مواجهات بين عدد من الشبان رشقوا دوريات تابعة للجيش بالحجارة ليتمكن بعدها عناصر الجيش من ضبط الشارع، خصوصاً بعد تحركات تخللها قطع للطرق وإطلاق للرصاص.
في حين عمد عدد من المحتجين إلى الاعتداء على حاجز الجيش اللبناني في محيط المستشفى العسكري في طرابلس، كما شهدت منطقة الريفا ومحيط المستشفى الحكومي في طرابلس توترا كبيرا، حيث قام المحتجون بقطع الطريق بالاطارات المشتعلة، ورمي الحجارة على عناصر الجيش.
ليل غضب ثانٍ
وليل أمس الأول الأحد، اعتصم عدد من المحتجين في ساحة النور بطرابلس وقطعوا بعض المسارب بحاويات النفايات وأطلقوا الهتافات المندّدة بنواب ووزراء المدينة مؤكدين انهم سبب الفقر والحرمان في طرابلس. ثم أقدم المحتجون على إزالة صور المرشحين الملصقة على اللوحات الاعلانية وجدران الأبنية المطلة على الساحة.
المصدر : اللواء