مجموعة كبيرة من الكفاءات العلمية الشابة ساهمت في فوز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. ومن بين هؤلاء العالمة النووية اللبنانية – الفرنسية فرح حريري، التي شغلت منصب مستشار في مجال الطاقة. وشكلت حملة “إلى الأمام” فرصة لبروز الشابة إبنة الثلاثين عاماً، التي اندفعت للمشاركة في الحملة من أجل تأكيد قيم التنوع والتعددية، ورفض الخطاب القومي والتمايز الثقافي.
فحريري، التي لطالما شغلتها المعادلات الفيزيائية والرسم وكرة السلة، شعرت بشغف مستجد نحو السياسة على أبواب انتخابات الرئاسة الفرنسية. وبلسان المواطنة الفرنسية، تتحدث حريري بحماسة عن المرشح الشاب الذي حطّم تقاليد الإنقسام بين اليمين واليسار، وأتاح الفرص للشباب. وهو أمر لا تلمسه في لبنان حيث الوجوه السياسية هي نفسها منذ عقود.
وتوضح حريري، أن الخطة التي اعتمدتها حملة الرئيس الجديد، تقوم على وقف استخدام الطاقة الأحفورية والمواد الصلبة كالفحم الحجري، وإقفال المحطات الحرارية الأربع في فرنسا، ودعم مصادر الطاقة المتجددة لخفض الإنبعاثات الكربونية، ودعم الأبحاث في مجالات الطاقة الجديدة والإندماج النووي، إلى جانب النظر في أمان المفاعلات الحالية.
وتطمح حريري إلى أن يتمكّن ماكرون من إحداث تغيير ملحوظ في مجال الطاقة النووية. ففرنسا تستضيف منذ العام 2005 المشروع البحثي الخاص بالمفاعل التجريبي الحراري – النووي الدولي، الذي يهدف إلى إثبات الجدوى العلمية والتقنية من استخدام الإندماج النووي لتوليد الطاقة، والذي يقوم على فكرة تجميع نواتين ذريتين لتكوين نواة واحدة أثقل، يصدر عنها نور وحرارة على غرار ما يحدث في الشمس.
وتؤكّد حريري أنّها لن تستغل دورها في الحملة من أجل شغل وظيفة رسمية في الإيليزيه. فهي ستكتفي حالياً بشغل المنصب الإستشاري لحركة “إلى الأمام”، ومستشارة إيمانويل ماكرون في سويسرا. فحريري تفضل أن تبقى في ميدان البحث العلمي، وأن تكمل ما بدأته منذ العام 2016 عندما أختيرت عضواً في فريق العمل البحثي في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية في سويسرا CERN Geneva. وهي تستعد لإنجاز البحوث المتخصصة في أضخم مراكز تسريع إنتاج جزيئيات الطاقة الكهرومغناطيسية.
وتعبّر حريري عن إيمانها أن العلاقة بين دول العالم الثالث وفرنسا ستسير نحو السلام في ظل مشروع “إلى الأمام”، لأنّه يهدف إلى تغيير جذري في النموذج الحالي للتعامل. وتأمل أن يحذو لبنان حذو فرنسا في إتاحة الفرص للطاقات الشابة، عوضاً عن شعور الخيبة الناجم عن تصديرها إلى الخارج.
جائزة 2013
شكل الإنضمام إلى الحملة الرئاسية الفرنسية خطوة إضافية في مسيرة حريري، التي أنهت دراستها في “الجامعة الأميركية في بيروت” في عمر 23، قبل أن تغادر لبنان من أجل متابعة دراساتها العليا في فرنسا في مجال فيزياء البلازما.
ويعتبر العام 2013 مرحلة مفصلية في حياة حريري. ففيها بدأت مسيرة الإنجاز على الصعيد العلمي الدولي عقب حصولها على شهادة الدكتوراه عن مشروع “تكوين شمس على الأرض”. وأهلتها هذه الفكرة للظفر بجائزتين دوليتين عن أفضل بحث علمي. الأولى كانت من اليابان عندما منحتها الهيئة اليابانية للطاقة النووية “9th Itoh prize” جائزة أفضل رسالة دكتوراه لطرح إشكالية أساسية في ميدان التفاعل النووي. والثانية كانت من جامعة “AIX- Marseille” في فرنسا. وأتاحت لها هذه الإنجازات الحصول على موقع بارز في المركز السويسري لطاقة البلازما في لوزان “EPFL”، قبل الإنضمام أخيراً إلى فريق “CERN”.